التفكير الإبداعي: حجر الأساس لجودة الأداء والابتكار المؤسسي
في عالم يعدّ الثابت الوحيد فيه هو التغيير، لم يعد تقييم جودة الأداء في المؤسسات مرتبطًا بالانضباط والتنظيم فقط، بل أصبح مرهونًا بالقدرة على التطوير المتواصل والتفكير بطرق جديدة غير معهودة، والجرأة على تخيّل حلول غير تقليدية. هنا تظهر قيمة التفكير الإبداعي كحجر أساس لا يستعاض عنه في بناء مؤسسات مرنة، متجددة، محققة للاستدامة وقادرة على الابتكار والاستمرارية. التفكير الإبداعي ليس -كما يعتقد البعض- مجرّد أداة استعراضية للتباهي بالتميّز، بل هو عقليّة تُبنى عليها أنماط عمل ابتكارية، وأداة استراتيجية محوريّة تساهم في رفع جودة الأداء من خلال رؤية التحديات من منظور مختلف، وتحويل المشكلات اليومية إلى فرص سانحة لإحداث قفزات نوعية في تطوير الحصيلة الإنتاجية ككلّ. إنها المنهجيّة التي يتحوّل على إثرها الموظف من منفّذ إلى مفكّر، ليصبح جزءًا أساسيًّا من عملية التحسين المستمر في هيكل المؤسسة بشكل سلس وفعّال يعود بالنفع على الفرد والمنظومة بأكملها. إن الأفكار الإبداعية الاستثنائية لا تتنفّس الحياة في جوّ مليء بالتشاحن والضغط، بل تحتاج إلى بيئة مرحّبة تسمح بالطرح، والتجريب، بل الإخفاق أيضًا في نطاق يؤدي لتغذية راجعة سليمة وإيجابية! والمؤسسات التي تدعم ثقافة الإبداع لا تنتظر أن يأتي الحل دائمًا من القيادة، بل تزرع الثقة في منسوبيها وأعضائها وتشجع على مشاركة المقترحات، وتحتفي بالمبادرات التي تنبع من قلب التجربة اليومية المتناغمة مع إدراك الموظفين لأصغر المشاكل التي تعايشهم إلى أكبرها. وفي هذا السياق، يمكننا أن نصف الابتكار المؤسسي بأنّه وليد التوجه العملي للتفكير الإبداعي، إذ لا تتشكّل كينونته اعتباطًا من فراغ، بل هو نتاج ثقافة تتيح التغيير وتدعم المرونة الذهنيّة وتكافئ على الشجاعة في كسر أقفال الرؤية الضيقة والروتينيّة. ولهذا، فإن العقبات التي تقف في وجه الإبداع –مثل البيروقراطية، أو الخوف من الفشل، أو العمل تحت ضغط الإنجاز اللحظي– يمكن تفكيكها إذا ما توافرت إرادة حقيقية من الإدارة في إعادة تشكيل بيئة العمل. لا يمكننا تجاهل دور القادة في هذا التحول المحوريّ. فالقائد المبدع ليس من يفرض الحل، بل من يطرح التساؤلات ويستمع للمقترحات. ويسعى لخلق مساحة آمنة للحوار والابتكار إيمانًا منه أن لكل فرد زاوية نظر خاصّة يمكن أن يستقي منها معينَا عذبًا من الأفكار لم يرده الآخرون. تلعب شركات الحلول الإبداعية في هذا الإطار دورًا محوريًا في دعم المؤسسات عبر تقديم أدوات وتجارب تصقل التفكير الإبداعي، وتفتح الأبواب نحو توجّهات ابتكاريّة غير مسبوقة مبنيّة على إطلاق العنان للفكر العملي الجريء والمرن، ويتمّ ذلك من خلال الورش التفاعلية المختلفة التي تهدف لتحويل بيئة العمل إلى مساحة نابضة بالأفكار، وفي مناخ صحّي وحيوي كهذا، يصبح التفكير الإبداعي ليس مجرد إضافة، بل أساسًا حيويًا لأي مؤسسة تتطلّع للتميز والريادةطي