أثر بناء العلامة التجارية الشخصية على ريادة الأعمال
شكّلت التطورات العالمية المتسارعة في العصر الرقمي الحديث نقطة تحوّل جوهريّة في رؤية ووعي المجتمع والشباب على الأخص، وانعكس ذلك الأمر على توجّههم الحثيث لريادة الأعمال واقتناعهم أن الوظيفة ليست المنفذ الأسلم للجميع في حياة انتقلت من الرتابة والروتينيّة الاعتيادية لأخرى تتطلّب المواكبة أوّلًا بأول مع تحديات العصر وظروفه في تسارع محموم، وارتفع عدد المنخرطين في مجال ريادة الأعمال باختلاف مشاربه بصورة ملحوظة في أنحاء العالم وصحب ذلك – بطبيعة الحال – بروز العديد من العقبات التي تحتاج للوعي والالتزام في سبيل تجاوزها وتطويعها لمصلحة رائد الأعمال أيًّا كان تخصّصه. من بين هذه التحديات التي تسترعي تسليط الضوء عليها تكمن العلامة التجارية الشخصية Personal Branding وهو مصطلح انتشر في السنوات الأخيرة خصوصًا مع استحواذ وسائل التواصل الاجتماعي على قصب السبق في التأثير على الجمهور المستهدف والمجتمعات عمومًا. يمكننا وصف العلامة التجارية الشخصية بأنها تعريف مبسّط للشخص على وسائل التواصل الاجتماعي: سواء كان كاتبًا، عالمًا، مدرّبًا، رسّامًا، إعلاميًّا، مؤثّرًا اجتماعيًّا أو رائد أعمال في غير هذه المجالات، وتنعكس مضامين هذه الهوية في طبيعة المحتوى الذي يتمّ تقديمه عبر هذا الشخص على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي التي ينشط فيها، إضافةً لأسلوب التقديم ولغته ونبرته وجمهوره. تشكّل العلامة التجارية الشخصية ميزان الحكم على الأشخاص بصورة أساسية في عصرنا الحالي، إذ أنّ كل من أراد أن يتعرّف على شخصيتك يقوم بالبحث عنها على وسائل التواصل الاجتماعي ومتابعة ما قدّمته وتقدّمه من محتوى ليكوّن تصوّرًا عامًّا عن رؤيتك وأهدافك، وقد غدت من الأهمّيّة بمكان حتى أصبح يستعان بها للتقصي عن الشخص عند التقديم للوظائف، وخلال جلسات التعارف مع روّاد الأعمال الآخرين خلال المناسبات المختلفة، كما أنهّا تعدّ نافذة يتمّ عن طريقها تقييم جودة ما يمكنك تقديمه من قبل العملاء المحتملين وبالتالي يكون لها التأثير المباشر على اكتسابك لثقة العملاء من عدمها. إن العمل على تقديم علامة تجارية شخصية إيجابية الأثر والمضمون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هو ضرورة وليس مجرّد رفاهية كما كان الأمر في السابق، ويعدّ تكوينها بناءً على ما سبق من الأساسيات التي ينبغي على رائد الأعمال التركيز عليها بصورة تحقق الالتزام والاستمرارية، لتقوم بنقل الصورة الصحيحة والمنشودة للجمهور المستهدف والمجتمع بصورة عامّة وتكون بوّابة انطلاق لسلسلة من فرص التعاون والتواصل الفعّال والشراكات الرياديّة.